ترددت أن أكتب مقالا بعنوان كهذا، ولكن موضوعنا يستحق وقفة جادة لأن الهباب كثير. والمفهوم العلمي لعنوان المقال يرمز إلى المواد الكربونية العالقة في الهواء. وتعودنا أن يكون لونه الأسود أو الرمادي القاتم عاكسا للأوساخ، أعزكم الله، أو التلوث بشكل أو آخر نظرا لأنه يعلن عن عدم الاحتراق الكامل. والغالب أن هذا هو أهم مبررات صفة الهباب كأحد صفات الانحطاط. وما دمنا في سيرة الانحطاط فلا بد من الذكر أن الهباب هو أحد أكبر مسببات التلوث الحراري والتغير المناخي. ولو نظرنا لاستخدام العالم للطاقة سنجد أن خلال المائة السنة الماضية تغيرت سلوكيات العالم في ما يتعلق باستخدامها، فأصبح كمن يأكل جميع وجبات الشهر بأكمله في وجبة واحدة فيصاب بالتخمة: يستهلك العالم الطاقة بشراهة، وبطرق تصدر كميات هائلة من الكربون، وبعضه نراه أمام أعيننا حينما تمارس ذراته «الشعبطة» على الهواء، والبعض الآخر يغير عالمنا بطرق خفية من خلال التعاملات والتفاعلات مع المواد الأخرى. وعنصر الكربون بالذات من أكثر العناصر التي تعشق «الوناسة».. وتحديدا فهي تكون «شلة» كيميائية تلو الأخرى لتصل إلى مجموعات ضخمة جدا. ولذا فنجد الكربون في أجمل الأماكن وأكثرها فائدة، ونجده أيضا في أسوأ الأماكن وأكثرها ضررا.
وسبحان الله أن من عجائب الكربون أنه ليس أكثر العناصر وفرة على كوكبنا، ولكنه من أكثرها انتشارا في الفضاء الخارجي. وتحديدا فعندما تنضغط وتنحرق بعض العناصر تحت ظروف قاسية جدا في الفضاء الخارجي وبالذات في النجوم، ينتج عنصر الكربون بمشيئة الله. ومن الطرائف أن هناك نجوما عملاقة محاطة بالهباب وتسمى بنجوم الكربون Carbon Stars.. وتتميز بلونها الأحمر.. بصراحة فكرة الهباب في الفضاء الخارجي خرافية. ومهما كثرت فالهباب في الفضاء فأكيد أنها أكثر على الأرض، ولذا لنعود إلى الأرض فنجد أن إحدى الغرائب هي أن الله أنعم علينا بالنباتات لتنقية الأجواء من الهباب.. وسبحان الله أن هناك شجرة واحدة تتميز في التعامل مع هذا النوع من التلوث وهي شجرة «جينكو بالوبا» ومعناها «المشمشة الفضية» باللغة اليابانية. وهذه الشجرة القديمة جدا هي من أبرز «قبضايات» الأشجار لعدة أسباب ومنها تعاملها مع الهباب بأريحية تامة. ومن الغرائب أنها كانت أول شجرة تطرح ثمرات في مدينة هيروشيما بعد ضربها بالقنبلة الذرية في عام 1945.. وكأنها تقول.. رماد؟ إشعاعات؟ دمار؟ هباب؟ صباح الخير..
الكربون في كل مكان حولنا فهو في الغذاء، والدواء، وفي الوقود، والمواد الإنشائية.. وفي كل مرة تفتح فيها «بزبوز» الماء تستهلك كميات من الكربون بسبب عملية التحلية المعقدة التي تخلصت من الملح في ماء البحر ويسرت الماء النظيف إلينا بإرادة الله. وفي كل مرة تشعل الضوء، أو المكيف، أو الحاسوب، أو حتى البطارية ستجد الكربون في المدخلات أو المخرجات لتلك الأنشطة. وفي نعمة البترول الذي نصدره يوميا سنجد بصمة الكربون القوية المهيمنة على المنتج.. ودعونا نعد إلى موضوعنا الأساس وهو الهباب، فهناك آلية لقياس إنتاج الدول المختلفة للكربون وهي إحدى انعكاسات الاستهلاك حول العالم. ونحن من أعلى الدول. وتحديدا فنأتي ضمن أعلى عشرين دولة في بصمتنا الكربونية، ولكن لو قارنا البصمة الكربونية للفرد الواحد، سنجد أننا من أعلى خمس دول في العالم. ولا شك أن جزءا من هذا بسبب أننا من أكبر الدول المنتجة للطاقة، ولكننا أيضا من أكثر الدول المستهلكة للطاقة للفرد.
أمنية
شعرت بالخجل عندما لحظت عدد فوهات الشكمان (العادم) في سيارتي، وللعلم فلا أحتاج لأن تنفث سيارتي كل ذلك الهباب للقيام بجميع مشاويري، ووجدت أيضا أن عدد «البزابيز» في منزلي كبيرة جدا، فلا أحتاج لكل هذا، وعدد الأجهزة الإلكترونية والكهربائية هو أيضا أكثر مما أحتاج.. أتمنى أن نعيد النظر في احتياجاتنا الحقيقية للطاقة وما ينتج عنها من هباب، وأن نعمل حساب ما سنورث لأبنائنا وأحفادنا بما يرضي الله.
وهو من وراء القصد.
وسبحان الله أن من عجائب الكربون أنه ليس أكثر العناصر وفرة على كوكبنا، ولكنه من أكثرها انتشارا في الفضاء الخارجي. وتحديدا فعندما تنضغط وتنحرق بعض العناصر تحت ظروف قاسية جدا في الفضاء الخارجي وبالذات في النجوم، ينتج عنصر الكربون بمشيئة الله. ومن الطرائف أن هناك نجوما عملاقة محاطة بالهباب وتسمى بنجوم الكربون Carbon Stars.. وتتميز بلونها الأحمر.. بصراحة فكرة الهباب في الفضاء الخارجي خرافية. ومهما كثرت فالهباب في الفضاء فأكيد أنها أكثر على الأرض، ولذا لنعود إلى الأرض فنجد أن إحدى الغرائب هي أن الله أنعم علينا بالنباتات لتنقية الأجواء من الهباب.. وسبحان الله أن هناك شجرة واحدة تتميز في التعامل مع هذا النوع من التلوث وهي شجرة «جينكو بالوبا» ومعناها «المشمشة الفضية» باللغة اليابانية. وهذه الشجرة القديمة جدا هي من أبرز «قبضايات» الأشجار لعدة أسباب ومنها تعاملها مع الهباب بأريحية تامة. ومن الغرائب أنها كانت أول شجرة تطرح ثمرات في مدينة هيروشيما بعد ضربها بالقنبلة الذرية في عام 1945.. وكأنها تقول.. رماد؟ إشعاعات؟ دمار؟ هباب؟ صباح الخير..
الكربون في كل مكان حولنا فهو في الغذاء، والدواء، وفي الوقود، والمواد الإنشائية.. وفي كل مرة تفتح فيها «بزبوز» الماء تستهلك كميات من الكربون بسبب عملية التحلية المعقدة التي تخلصت من الملح في ماء البحر ويسرت الماء النظيف إلينا بإرادة الله. وفي كل مرة تشعل الضوء، أو المكيف، أو الحاسوب، أو حتى البطارية ستجد الكربون في المدخلات أو المخرجات لتلك الأنشطة. وفي نعمة البترول الذي نصدره يوميا سنجد بصمة الكربون القوية المهيمنة على المنتج.. ودعونا نعد إلى موضوعنا الأساس وهو الهباب، فهناك آلية لقياس إنتاج الدول المختلفة للكربون وهي إحدى انعكاسات الاستهلاك حول العالم. ونحن من أعلى الدول. وتحديدا فنأتي ضمن أعلى عشرين دولة في بصمتنا الكربونية، ولكن لو قارنا البصمة الكربونية للفرد الواحد، سنجد أننا من أعلى خمس دول في العالم. ولا شك أن جزءا من هذا بسبب أننا من أكبر الدول المنتجة للطاقة، ولكننا أيضا من أكثر الدول المستهلكة للطاقة للفرد.
أمنية
شعرت بالخجل عندما لحظت عدد فوهات الشكمان (العادم) في سيارتي، وللعلم فلا أحتاج لأن تنفث سيارتي كل ذلك الهباب للقيام بجميع مشاويري، ووجدت أيضا أن عدد «البزابيز» في منزلي كبيرة جدا، فلا أحتاج لكل هذا، وعدد الأجهزة الإلكترونية والكهربائية هو أيضا أكثر مما أحتاج.. أتمنى أن نعيد النظر في احتياجاتنا الحقيقية للطاقة وما ينتج عنها من هباب، وأن نعمل حساب ما سنورث لأبنائنا وأحفادنا بما يرضي الله.
وهو من وراء القصد.